عزلة دبلوماسية للجزائر بعد دعم واشنطن وباريس للمغرب في ملف الصحراء
في مقال تحليلي نُشر في 9 مارس 2025، أشار الصحفي الألماني كاي كوستنر إلى أن دعم الولايات المتحدة وفرنسا لسيادة المغرب على الصحراء يرتبط بالتوازنات الإقليمية والصراعات الجيوسياسية العالمية.
واستهل مراسل قناة “إي آر دي” الألمانية في الرباط، كاي كوستنر، مقاله بالقول إن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نادرًا ما يُستقبل بحفاوة مماثلة كما حدث في المغرب. فقد استقبله نواب البرلمان المغربي بتصفيق حار عندما أدلى بتصريح تاريخي بشأن الصحراء في أكتوبر من العام الماضي، حيث قال: “بالنسبة لفرنسا، فإن الحاضر والمستقبل لهذه المنطقة يقع تحت سيادة المغرب.”
وأضاف الصحفي الألماني أن هذه العبارة كانت بمثابة الإعلان الرسمي الذي كان المغرب ينتظره منذ سنوات، حيث أظهرت بوضوح اعتراف باريس بمطالب الرباط. هذا الموقف الفرنسي لم يكن مجرد تصريح دبلوماسي، بل أحدث تحولًا في موازين القوى في المنطقة، ومنح النزاع بعدًا سياسيًا جديدًا وفق كاتب المقال.
وتابع الصحفي الألماني بالإشارة إلى موقف سارة ييركس، الباحثة في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، التي اعتبرت هذا التحول خطوة حاسمة، قائلة: “إذا دعمت كل من فرنسا، الولايات المتحدة وإسبانيا المغرب، فإن هذا سيغير معالم الصراع بشكل كبير.”
وواصل الصحفي حديثه عن قضية الصحراء التي لا يمكن فصلها عن الصراعات الجيوسياسية الكبرى، على حد تعبيده، وذكر منها:
- التوتر في الشرق الأوسط: حيث اعترف المغرب بإسرائيل في عام 2020 في خطوة جاءت مقابل تأييد واشنطن لسيادة المغرب في الصحراء.
- التنافس بين الغرب، الصين وروسيا: إذ تسعى الولايات المتحدة وفرنسا إلى تعزيز علاقاتهما مع المغرب للحد من النفوذ الاقتصادي المتزايد للصين والوجود العسكري الروسي المتنامي في غرب إفريقيا.
وأشار الصحفي إلى أن القوى الغربية تبحث عن حليف موثوق به في منطقة مضطربة. فمنطقة الساحل، التي تقع جنوب المغرب والصحراء والجزائر، أصبحت مسرحًا لانقلابات عسكرية وصراعات إرهابية، خاصة في دول مثل مالي، النيجر، وبوركينا فاسو.
وأضاف أن النفوذ الروسي قد توسع بشكل ملحوظ في هذه الدول خلال السنوات الأخيرة، بينما شهد الحضور الغربي تراجعًا. وعلقت الخبيرة سارة ييركس على هذا الوضع قائلة: “مع تفاقم عدم الاستقرار في منطقة الساحل، أصبح من مصلحة جميع الأطراف إيجاد حل لهذا النزاع.”
وأوضح المقال أن التقارير الحديثة تشير إلى أن المغرب، بدعم من الولايات المتحدة وفرنسا، يعتزم إنشاء قاعدة جوية عسكرية في الأقاليم الصحراوية، بهدف استخدامها لإطلاق الطائرات المسيرة والمقاتلات ضد الجماعات المتطرفة في منطقة الساحل. ونقلت صحيفة “لاراثون” الإسبانية عن مصادر رسمية أن هذا المشروع يأتي في إطار الجهود الدولية لمنع تحول المنطقة إلى “أفغانستان جديدة”.
وأضاف كاي كوستنر أن هذه التطورات قد عززت التقارب بين المغرب والغرب، وهو ما تجلى في الاستعراض الرسمي الذي أقيم مؤخرًا بمناسبة وصول أول ست مروحيات هجومية من طراز أباتشي تم شراؤها من الولايات المتحدة.
وفي المقابل، وجدت الجزائر نفسها في عزلة دبلوماسية، خاصة بعد تغيير الموقف الفرنسي وعودة ترامب إلى السلطة. واختتم الصحفي مقاله بتصريح سارة ييركس التي قالت: “لا أعتقد أن هناك مستقبلًا واقعيًا لدولة مستقلة في الصحراء الغربية.”