تشديد قوانين اللجوء والهجرة في الاتحاد الأوروبي:
تعتزم المفوضية الأوروبية تعديل قواعد الترحيل عبر منح الدول الأعضاء صلاحية إنشاء مراكز احتجاز للمهاجرين في دول ثالثة، وفقًا لمشروع “لائحة العودة”، الذي قدمه مفوض الشؤون الداخلية في الاتحاد الأوروبي ماغنوس برونر بتاريخ 11 مارس 2025. ويبقى الهدف الأساسي من هذا القرار هو “الإسراع في تنفيذ عمليات الترحيل وزيادة عدد المرحّلين”. وبينما ترى أحزاب
معسكرات الترحيل في دول أخرى: جدل قانوني وأخلاقي
تشير “مراكز العودة” إلى مرافق احتجاز تقع خارج الاتحاد الأوروبي، يتم فيها إيواء المهاجرين غير النظاميين الذين تم ترحيلهم أو ينتظرون إعادتهم إلى بلدانهم الأصلية. لكن هذه السياسة مثيرة للجدل، حيث لا يتمكن الاتحاد الأوروبي حاليًا من إعادة أكثر من 20 بالمئة من طالبي اللجوء المرفوضين. ويرجع ذلك غالبًا إلى رفض الدول الأصلية استقبالهم أو بسبب تعقيد الإجراءات القانونية. وجاء في مسودة المشروع: “إذا استمر بقاء المهاجرين غير المصرح لهم في الاتحاد الأوروبي، فإن ذلك سيؤدي إلى تقويض نظام اللجوء والهجرة بأكمله.”
اتفاق إيطاليا وألبانيا كنموذج أولي
قبل طرح هذا المقترح، وقّعت الحكومة الإيطالية اليمينية اتفاقية مع ألبانيا، المرشحة لعضوية الاتحاد الأوروبي، لإنشاء مراكز احتجاز على أراضيها. ومع ذلك، تواجه هذه الاتفاقية انتقادات قانونية وأخلاقية واسعة. أما على مستوى الدول غير الأعضاء في الاتحاد، فقد عقدت المملكة المتحدة اتفاقًا مماثلًا مع رواندا لاستقبال المهاجرين المرحّلين. لكن الخطة تم إلغاؤها بعد فوز حزب العمال البريطاني في الانتخابات الأخيرة. وفي ألمانيا، تدعو أحزاب يمينية، مثل حزب البديل من أجل ألمانيا، إلى اعتماد نموذج مماثل، بينما تواجه هذه الفكرة رفضًا صارمًا من الحزب الاشتراكي الديمقراطي، وحزب الخضر، وحزب اليسار.
إجراءات موحدة لطرد المهاجرين في الاتحاد الأوروبي
إلى جانب السماح بترحيل المهاجرين إلى دول خارج الاتحاد، يسعى المشروع إلى تنسيق سياسات الطرد بين الدول الأعضاء. ومن بين التعديلات المقترحة:
- اعتراف متبادل بقرارات الترحيل: في حال رفض طلب لجوء شخص في إحدى دول الاتحاد الأوروبي، لن يتمكن من تقديم طلب جديد في دولة أخرى.
- إصدار “أمر الطرد الأوروبي”، ليتم تسجيله في قاعدة بيانات شنغن ما يسمح بتطبيقه تلقائيًا في جميع الدول الأعضاء.
- توسيع صلاحيات الاحتجاز الإداري: يمكن احتجاز المهاجرين غير القانونيين لفترات أطول إذا اعتبروا خطرًا أمنيًا.
- إجراءات صارمة ضد المخالفين: ستمنح الدول الأعضاء صلاحيات أكبر لمصادرة وثائق الهوية من المهاجرين غير الشرعيين.
تحذيرات من انتهاكات حقوق الإنسان
حذرت وكالة الاتحاد الأوروبي للحقوق الأساسية في تقرير نُشر في فبراير الماضي من أن هذه المراكز قد تتحول إلى “مناطق خارجة عن القانون”، مما يعرض المهاجرين إلى انتهاكات جسيمة. من جانبها، حذرت أوليفيا سوندبرغ دييز، الخبيرة في منظمة العفو الدولية، من أن تنفيذ هذه الخطة سيؤدي إلى معارك قضائية طويلة بسبب المخاوف الحقوقية في الدول الثالثة التي سيتم الترحيل إليها. كما انتقدت منظمات حقوق اللاجئين المشروع، معتبرة أنه تم إعداده على عجل دون دراسة تداعياته الإنسانية.
ما مصير التشريع الجديد؟
لم يُحسم بعد ما إذا كان هذا القانون سيدخل حيز التنفيذ بصيغته الحالية. فبعد تقديمه من قبل المفوضية الأوروبية، سيخضع المشروع لمناقشات داخل البرلمان الأوروبي ومجلس الاتحاد الأوروبي. وسيظل المحتوى النهائي للقانون، بالإضافة إلى موعد إقراره، رهينًا بالمفاوضات بين مؤسسات الاتحاد الأوروبي، في ظل الانقسامات العميقة بين الدول الأعضاء بشأن هذه القضية.