قرر مجلس الاتحاد الأوروبي اليوم الاثنين 24 فبراير ضخ تمويل إضافي لدعم الجيش الموريتاني، حيث تم تخصيص 20 مليون يورو لتطوير أنظمة المراقبة البرية المتنقلة وتسليم زورق دورية إضافي. وبهذا يصل إجمالي الدعم المالي المقدم للحكومة الموريتانية في إطار “مرفق السلام الأوروبي” إلى 47 مليون يورو، تشمل أيضًا تكاليف التدريب الفني والخدمات اللوجستية المرتبطة بالمعد
بحسب البيانات الرسمية، تهدف هذه الإجراءات إلى تعزيز الاستقرار في منطقة الساحل ومكافحة التهديدات التي قد تؤثر على وحدة الأراضي الموريتانية. كما قد تشمل هذه التدابير حماية حقل الغاز البحري المشترك مع السنغال، الواقع في المحيط الأطلسي، والذي يُعدّ أحد أكبر الاكتشافات الغازية في غرب إفريقيا، حيث تعمل حكومتا موريتانيا والسنغال على تطويره معًا.
الهجرة والحدود: أولوية خفية؟
إلى جانب تعزيز القدرات الأمنية، يمكن استخدام هذه الأموال أيضًا لوقف تدفق الهجرة غير النظامية، بما يتماشى مع سياسة الاتحاد الأوروبي. فموريتانيا، إلى جانب السنغال، تُعدّ نقطة انطلاق رئيسية للمهاجرين القادمين من دول إفريقيا جنوب الصحراء، الذين يحاولون عبور المحيط الأطلسي على متن قوارب صغيرة للوصول إلى جزر الكناري، ومن هناك إلى الأراضي الإسبانية.
كان الاتحاد الأوروبي قد قرر في وقت سابق تسليم أول زورق دورية في عام 2024، ليعمل في المياه الإقليمية الموريتانية وعلى طول سواحلها. كما ستساعد القدرات البرية الإضافية موريتانيا في احتجاز المهاجرين المحتملين في منطقة الساحل، وهو ما ورد صراحة في قرار مجلس الاتحاد الأوروبي بشأن التعاون مع نواكشوط. وجاء في البيان الرسمي للمجلس:
“تُعد موريتانيا شريكًا أساسيًا في المبادرات الإقليمية والأوروبية والدولية الهادفة إلى تعزيز السلام والتنمية في منطقة الساحل. كما أن البلاد ملتزمة بشكل واضح بمكافحة الهجرة غير النظامية عبر طريق غرب إفريقيا.”
وفي سياق مشابه، كان الاتحاد الأوروبي قد أعلن في فبراير 2024 عن حزمة دعم مالي لموريتانيا بقيمة 210 ملايين يورو، بهدف تقليص أعداد المهاجرين الواصلين إلى الجزر الإسبانية. ويُعد هذا التمويل جزءًا من شراكة أوسع للهجرة بين الاتحاد الأوروبي وموريتانيا، تشمل أيضًا تأمين الحدود الموريتانية مع مالي بشكل أكثر صرامة. سيتم تخصيص جزء من هذه الأموال لتحسين مرافق استقبال اللاجئين. إلى جانب ذلك، قدمت إسبانيا دعمًا ماليًا إضافيًا لموريتانيا بقيمة 64 مليون يورو.
سياسة الهجرة الأوروبية: موريتانيا نموذج جديد؟
سبق للاتحاد الأوروبي أن استخدم دولًا إفريقية أخرى كنقاط ارتكاز لسياساته الخاصة بالحد من الهجرة، مثل المغرب، تونس، الجزائر، ومصر. أما في ليبيا والنيجر، فإن التعاون مع بروكسل يتم عبر قنوات غير مباشرة، لكن الحكومتين تحصلان على دعم مالي وتنظيمي لمساعدتهما في مراقبة حدودهما البحرية والبرية. في حالة ليبيا، ترافق هذا النهج مع انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان. كذلك، وردت تقارير حول إساءة معاملة المهاجرين واحتجازهم تعسفيًا في موريتانيا، ما يثير مخاوف بشأن مدى التزام نواكشوط بالمعايير الحقوقية.
هل للعقوبات الأمريكية دور في القرار الأوروبي؟
يبدو أن قرار الاتحاد الأوروبي بتقديم زورق دورية ثانٍ لموريتانيا قد يكون مرتبطًا بالعقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة. في وقت سابق من هذا العام، اضطرت الحكومة الموريتانية إلى إلغاء صفقة شراء زوارق دورية من شركة صينية تابعة لمجموعة Poly Group، وذلك بسبب الضغوط الأمريكية المتزايدة.
وفقًا لتقرير صادر عن Africa Intelligence، وضعت واشنطن إحدى الشركات التابعة لمجموعة Poly Group على قائمة العقوبات الخاصة بوزارة الخزانة الأمريكية، متهمةً إياها بدعم الحرب الروسية في أوكرانيا. ونتيجة لذلك، منعت الولايات المتحدة الحكومة الموريتانية من تحويل 40 مليون يورو كانت مخصصة للشركة الصينية. في ظل هذه التطورات، قد يكون الاتحاد الأوروبي قد تدخّل لتعويض النقص في المعدات العسكرية، مما يضمن استمرار التعاون الأمني مع نواكشوط في إطار استراتيجيته الأوسع للحد من الهجرة عبر غرب إفريقيا.