تتجه أوروبا تتجه إلى تعزيز شراكاتها مع شمال إفريقيا، لضمان أمن الطاقة وتحقيق أهداف إزالة الكربون. من المتوقع أن يلعب الهيدروجين الأخضر دورًا محوريًا في مستقبل الطاقة، ما يجعل هذه المبادرات خطوة رئيسية في تحقيق تحول مستدام في قطاع الطاقة العالمي.
نحو مستقبل مستدام للطاقة
في خطوة استراتيجية لتعزيز استيراد الهيدروجين، تم التوقيع على مذكرة تفاهم لإنشاء خط أنابيب بطول 3,300 كيلومتر، يهدف إلى نقل الهيدروجين من شمال إفريقيا عبر إيطاليا إلى ألمانيا والنمسا بحلول عام 2030 وقع الاتفاقية في روما يوم الثلاثاء (21 يناير 2025) ممثلون عن إيطاليا، ألمانيا، النمسا، الجزائر وتونس.
مشروع “SouthH2 Corridor” لتعزيز أهداف الطاقة في الاتحاد الأوروبي
يستهدف المشروع الجديد الاستفادة من البنية التحتية الحالية لخطوط الغاز، حيث سيتم تعديل 70 بالمائة منها لنقل الهيدروجين، ما يساهم في تحقيق 40 بالمائة من أهداف الاتحاد الأوروبي للهيدروجين، مع قدرة نقل سنوية تصل إلى أربعة ملايين طن.
وفقًا لما أعلنته السفارة الإيطالية في برلين في 21 يناير 2025، أكد ممثلو الدول الخمس التزامهم بالمضي قدمًا في التخطيط للمشروع. تم توقيع الاتفاقية في فيلا ماداما بروما، بحضور وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاجاني ووزير الطاقة جيلبرتو بيكيتو، فيما مثل ألمانيا فيليب نيمرمان، والنمسا يورغن شنايدر، كما شاركت مديرة الطاقة في الاتحاد الأوروبي ديتي يول يورجنسن. وفي أعقاب التوقيع، عُقد مؤتمر اقتصادي شارك فيه 130 ممثلًا من السياسة والصناعة، حيث أكدت إيطاليا أن المشروع يعزز موقعها كمركز للطاقة في أوروبا.
شراكة أوروبية-إفريقية في قطاع الطاقة
يهدف ممر الهيدروجين “SouthH2” إلى دعم التحول الطاقي من خلال تعزيز التعاون بين أوروبا وإفريقيا. ومن المقرر أن يبدأ تشغيل البنية التحتية في أوائل عام 2030، بعد أن حصل المشروع على تصنيف مشروع ذو اهتمام مشترك (IPCEI) من الاتحاد الأوروبي.
تشرف على تنفيذ المشروع شركات الطاقة الأوروبية الكبرى، وتؤكد تقديرات الاتحاد الأوروبي أن 40 بالمائة من أهداف REPowerEU ستتحقق من خلال هذا المشروع، الذي تم الاتفاق عليه بين إيطاليا وألمانيا والنمسا في مايو 2024، قبل أن يتم توسيعه ليشمل شمال إفريقيا. كما يتم بحث إمكانية ضم ليبيا إلى المبادرة.
70 بالمائة من الهيدروجين الأخضر بحلول 2030
تعتمد الاستراتيجية الأوروبية للهيدروجين على مصادر الطاقة المتجددة، خاصة تلك الناتجة عن الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. ومع ذلك، تشير تقديرات الحكومة الألمانية إلى أن 70 بالمائة من احتياجات الهيدروجين بحلول عام 2030 سيتم استيرادها، بسبب التحديات اللوجستية وتكاليف النقل المرتفعة.
هنا يأتي دور خطوط أنابيب الغاز الموجودة حاليًا بين الجزائر وتونس وإيطاليا وألمانيا، والتي سيتم تعديلها لنقل الهيدروجين، ما قد يعود بفوائد كبيرة على الولايات الجنوبية في ألمانيا.
في هذا السياق، وقعت تونس اتفاقيات مبدئية لعدة مشاريع هيدروجين، بينما أعلنت الجزائر عن تطوير مشروع ضخم للهيدروجين، وهو ما يعزز مكانتها كمورد أساسي للطاقة للاتحاد الأوروبي. وتشير التوقعات إلى أن الجزائر يمكن أن تغطي 10 بالمائة من احتياجات الاتحاد الأوروبي من الهيدروجين بحلول 2040.
اتفاق ألماني-مغربي في الطاقة المتجددة
في تطور موازٍ، وقع ألمانيا والمغرب يوم 28 يونيو 2024 اتفاقية جديدة لتعزيز التعاون في مجالات المناخ والطاقة المتجددة. وشارك في التوقيع وزيرة التنمية الألمانية سفينيا شولتزه، ووزير الدولة لشؤون الاقتصاد والطاقة ستيفان وينزل، ووزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة.
تركز هذه الشراكة على تعزيز قدرات المغرب في إنتاج الهيدروجين الأخضر، حيث يتمتع بموقع جغرافي مثالي، يجمع بين سواحل الأطلسي الغنية بالرياح والصحراء المشمسة، مما يجعله مؤهلًا لتغطية احتياجاته المحلية والتصدير إلى ألمانيا.
ألمانيا توسّع شراكاتها لاستيراد الهيدروجين الأخضر
كما أبرمت الحكومة الألمانية العديد من الشراكات الثنائية في مجال الهيدروجين مع دول مثل أستراليا، تشيلي، بريطانيا، ناميبيا، المملكة العربية السعودية، جنوب إفريقيا، والإمارات العربية المتحدة. تمتلك هذه البلدان إمكانيات كبيرة لتوسيع مصادر الطاقة المتجددة، لا سيما الطاقة الشمسية، مما يجعلها مواقع مثالية لإنتاج الهيدروجين المستدام.
وفي هذا السياق، أطلقت المؤسسة الألمانية “H2 Global”، التي أسستها وزارة الاقتصاد والطاقة، أول مناقصة دولية لاستيراد منتجات الهيدروجين الأخضر من مصر في يوليو 2024. وفازت شركة Fertiglobe بعقد تسليم ما لا يقل عن 259,000 طن من الأمونيا الصديقة للبيئة، ومن المقرر أن تبدأ الشحنات في 2027 وتستمر حتى 2033.
تُعد Fertiglobe شركة مقرها الإمارات العربية المتحدة، وهي مشروع مشترك بين مجموعة OCI الهولندية لإنتاج الأسمدة وشركة أدنوك (ADNOC)، وهي المؤسسة الوطنية للبترول في الإمارات. سيتم إنتاج الأمونيا في مصر باستخدام الكهرباء المتولدة من الرياح وأشعة الشمس، مما يعزز التحول نحو الطاقة النظيفة في المنطقة.
توقّعت وزارة الاقتصاد الألمانية أن يرتفع الطلب على الهيدروجين بحلول عام 2045 ليصل إلى ما بين 360 و500 تيراواط/ساعة للهيدروجين النقي، بالإضافة إلى 200 تيراواط/ساعة للمنتجات المشتقة من الهيدروجين. وتشير استراتيجية الاستيراد إلى أن نسبة الواردات ستواصل الارتفاع بعد عام 2030.