أثار قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية موجة واسعة من الانتقادات، حيث وصفته ألمانيا بأنه “يوم التضخم” وليس “يوم التحرير”. وفي هذا السياق، حذّرت جمعية صناعة السيارات الألمانية (VDA) من التداعيات السلبية لهذه الرسوم، مؤكدة أنها “ستؤثر على النمو الاقتصادي العالمي وتلحق الضرر بالوظائف”، داعيةً أوروبا إلى التحرك سريعًا لإبرام اتفاقيات تجارة حرة. يُذكر أن الولايات المتحدة كانت، خلال العام الماضي، أكبر مستورد للسيارات الألمانية بنسبة 13.1 بالمئة، رغم امتلاك العديد من الشركات الألمانية مصانع داخل أمريكا تلبي احتياجات السوق المحلية.
تباينت آراء الخبراء الاقتصاديين حول تداعيات هذه الإجراءات، إلا أن معظمهم اتفق على أن تأثيراتها ستكون عميقة على الاقتصاد العالمي:
- أخيم وامباخ (رئيس مركز الأبحاث الاقتصادية الأوروبية): يرى أن العواقب الاقتصادية ستكون جسيمة، حيث ستؤدي التعريفات الجمركية إلى ارتفاع الأسعار والتضخم، مما يزيد من احتمالية حدوث ركود اقتصادي. كما أن حالة عدم اليقين السياسي ستدفع الشركات إلى التردد في الاستثمار داخل الولايات المتحدة. ويؤكد وامباخ على ضرورة أن يتجنب الاتحاد الأوروبي الانجرار إلى حرب تجارية شاملة، مشيرًا إلى أهمية تبني تدابير مضادة مدروسة تخدم مصالحه.
- توماس غيتزل (كبير الاقتصاديين في VP Bank يشير إلى أن الاتحاد الأوروبي والصين قد أعلنا بالفعل عن إجراءات انتقامية، مما ينذر بحرب تجارية عالمية بدأت بالفعل. كما يتوقع ارتفاع معدلات التضخم في الولايات المتحدة بسبب زيادة أسعار السلع الاستهلاكية، مما سيضع البنك المركزي الأمريكي في موقف صعب بين كبح التضخم ودعم الاقتصاد.
- كارستن بريزسكي (كبير الاقتصاديين في ING Bank يلفت إلى أن الإجراءات المضادة التي ستتخذها المفوضية الأوروبية ستكون حاسمة في تحديد تأثير هذه الرسوم على التضخم. ورغم أن أولى الخطوات الأوروبية ستبدأ في منتصف أبريل، إلا أنها تظل محدودة ومقتصرة على تعريفات الصلب والألمنيوم، مما يجعل الصورة غير واضحة بشأن التأثيرات الأوسع على اقتصاد منطقة اليورو.
- يورغ كريمر (كبير الاقتصاديين في كومرتس بنك): يرى أن هذه الرسوم تمثل ضربة قوية للاقتصاد الألماني القائم على التصدير، متوقعًا ارتفاع التعريفات الجمركية على الصادرات الألمانية إلى الولايات المتحدة بمعدل 20 نقطة مئوية، مما قد يؤدي إلى تراجع الناتج المحلي الإجمالي الألماني بنحو 0.5 بالمئة خلال العامين المقبلين.
- سيروس دي لا روبيا (كبير الاقتصاديين في Hamburg Commercial Bank يوصي بأن تستجيب دول الاتحاد الأوروبي بسرعة من خلال تنفيذ إصلاحات اقتصادية واستثمارات واسعة في البنية التحتية والدفاع، لتعويض انخفاض الطلب على الصادرات وتعزيز القدرة التنافسية الأوروبية.
- مايكل فيستر (محلل في كومرتس بنك): يشكك في مدى قدرة الولايات المتحدة على تحقيق أهدافها من هذه السياسة، مشيرًا إلى أن العجز في الميزان التجاري الأمريكي يعود إلى أن البلاد تستهلك أكثر مما تنتج، وليس إلى الممارسات التجارية للدول الأخرى.
- سالومون فيدلر (كبير الاقتصاديين في Berenberg Bank يعتقد أن ترامب يسعى من خلال هذه الرسوم إلى تحقيق هدفين: استخدامها كورقة ضغط تفاوضية، وزيادة العائدات الضريبية للولايات المتحدة، مع فرض حد أدنى للتعريفات عند 10 بالمئة.
تشير هذه التطورات إلى مرحلة جديدة من التصعيد في الحرب التجارية العالمية، حيث تواجه الاقتصادات الكبرى تحديات غير مسبوقة. في ظل عدم وضوح الرؤية بشأن مستقبل هذه التعريفات والإجراءات المضادة، يبقى السؤال الأهم: هل ستنجح هذه السياسات في تحقيق أهدافها أم أنها ستقود الاقتصاد العالمي نحو مزيد من الاضطرابات؟
المصدر: شبيغل أونلاين