في مقال نُشر بتاريخ 20 مارس في صحيفة “nd” الصادرة من برلين، يسلط الصحفي سفيان ناصر الضوء على التعاون الأمني بين الجزائر وألمانيا، إلى جانب الانتقادات التي تطاله.
تدريب وتجهيز الشرطة الجزائرية
يتمحور الدعم الألماني حول تعزيز “أمن الوثائق والمستندات”، حيث نفذت الشرطة الفيدرالية الألمانية منذ عام 2022 عشر دورات تدريبية لعناصر الشرطة الجزائرية، وخاصة لجهاز الشرطة الحدودية والمديرية العامة للأمن الوطني تم تنفيذ خمس من هذه الدورات بالتعاون مع سلطات دول أخرى، بينما خُصصت الخمس الأخرى حصريًا للمديرية الجزائرية. كان التركيز الأساسي لهذه الدورات على كشف الوثائق المزورة أو غير المكتملة، بالإضافة إلى إعداد برامج تدريبية لمرافقة عمليات الترحيل.
جذور التعاون الأمني
بدأت الشراكة الأمنية بين برلين والجزائر في عام 2014، عندما استقبلت الشرطة الفيدرالية الألمانية وفدًا من الشرطة الجزائرية في مطار فرانكفورت، حيث خضع 120 عنصرًا جزائريًا لتدريبات حول تزوير الوثائق. كما زوّدت ألمانيا الجزائر بمعدات تقنية، منها أجهزة فحص الوثائق وكاميرات التصوير الحراري. في عامي 2018 و2019، نظّمت ألمانيا سبع دورات تدريبية إضافية، قبل أن تتوقف هذه الأنشطة مؤقتًا بسبب جائحة كورونا، لتُستأنف مجددًا عام 2022.
تحول في سياسات الجزائر تجاه الهجرة
لطالما كانت الجزائر متحفظة تجاه التعاون مع الاتحاد الأوروبي في مجال إدارة الهجرة، على عكس دول الجوار مثل تونس والمغرب، التي شاركت في مشاريع ممولة من الاتحاد الأوروبي لتعزيز أمن الحدود. إلا أن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون غيّر هذه السياسة مؤخرًا، إذ وقعت الجزائر في يناير الماضي اتفاقية تعاون شرطي مع إيطاليا، ما يعكس توجهًا جديدًا نحو الانخراط في الجهود الأوروبية للحد من الهجرة غير النظامية.
يأتي هذا التحول في سياق السياسات القمعية المتزايدة ضد المهاجرين في تونس، مما دفع العديد من اللاجئين إلى البحث عن طرق بديلة عبر الجزائر. كما تعمل السلطات الجزائرية على تقليص الهجرة غير الشرعية لمواطنيها، حيث شددت منذ 2021 إجراءات مراقبة الحدود، ما أسفر عن اعتراض عدد متزايد من “الحراقة” – وهو المصطلح الجزائري للمهاجرين الذين يعبرون الحدود دون وثائق رسمية – سواء على السواحل أو في البحر.
في الوقت نفسه، تستمر عمليات الترحيل الجماعي للمهاجرين الأفارقة إلى النيجر، حيث تشير تقارير انتقدت منظمة Alarme Phone Sahara أن الجزائر رحّلت ما لا يقل عن 31,404 شخصًا إلى الحدود الصحراوية مع النيجر منذ بداية عام 2024.
دور الشركات الألمانية في دعم الأجهزة الأمنية الجزائرية
لا يقتصر التعاون الألماني الجزائري على التدريب الأمني فقط، بل يمتد أيضًا إلى القطاع الخاص، حيث تشارك شركات ألمانية في تصنيع معدات عسكرية وأمنية لصالح السلطات الجزائرية. على سبيل المثال، تقوم شركة “راينميتال” بتجميع مركبات مدرعة في مدينة قسنطينة، بينما تنتج إحدى المصانع في غرب الجزائر أجهزة استشعار متطورة لشركة الألمانية.
كما تلعب شركة “دايملر” دورًا مهمًا، حيث تُصنّع مركبات للشرطة والجيش الجزائري في مصانع بمدن تيارت والجزائر وقسنطينة. وتستخدم الشرطة الجزائرية شاحنات وحافلات “دايملر” في عمليات الاعتقال والترحيل، إضافة إلى دورها في قمع الاحتجاجات، مثلما حدث خلال انتفاضة الحراك بين 2019 و2021، عندما استخدمت هذه المركبات لإعادة فرض السيطرة الأمنية على الشوارع.
انتقادات حقوقية لموقف الحكومة الألمانية
أثار توسع التعاون الأمني بين ألمانيا والجزائر انتقادات واسعة من قبل منظمات حقوقية وسياسيين معارضين. النائبة اليسارية في البرلمان الألماني كلارا بونغر انتقدت هذه الشراكة، معتبرة أنها تتعارض مع جهود دعم الديمقراطية وحقوق الإنسان في الجزائر. وصرّحت لصحيفة nd بأن “الحكومة الألمانية تسهم بشكل مباشر في تعزيز النظام القمعي في الجزائر من خلال توفير المعدات الأمنية والتكنولوجيا، التي لا تُستخدم فقط ضد المهاجرين، بل يمكن توظيفها أيضًا لقمع الاحتجاجات الداخلية”.